إن الحب هو أسمى شعور في حياتنا، وهو أساسي لتكوين خبرات إنسانية سليمة، ونحن لولا الشعور بالحب فإننا نعاني ونتألم، ولكي نختبر الحب والانتماء الصحيحين فلا بدَّ أن نؤمن أننا جديرون بهما في هذه اللحظة دون أي شروط أو قيود. فما المقصود بالحب الحقيقي ؟ ما متطلباته ؟ وما الذي يمنعنا من الشعور به ؟

       الحب الصحي لا يتطلَّب تغيير ماهيتنا لكي نشعر بالانتماء، بل يسمح لنا أن نكون تمامًا كما نحن على طبيعتنا وكما نحب، بعكس الاندماج الذي يفرض علينا أن نتحول إلى ما نعلم أنه سيجعل المجتمع يتقبَّلنا، هذا التحول الذي سوف يؤثر سلبًا بالتأكيد في تقبلنا لأنفسنا وحبنا لها.

متطلبات الحب الحقيقي ؟

أحبوا ذاتكم وحياتكم قبل أن تقعوا في حب أحد :
من أجل أن تعشقوا من دون تعلّق وبعيداً عن الحاجة لملء فراغ من الضروري أن تقدّروا أنفسكم . حب الذات ومعرفة الذات هما حجرا الأساس لبناء علاقة تدوم طويلًا. ومن أجل أن تجدوا الشخص المثالي لكم عليكم أولًا أن تكونوا جاهزين لبناء علاقة. وهذا الأمر يتطلّب جهدّا داخليًا قد يكون صعبًا ولكنه يستحقّ العناء.
“إذا كان العشق شجرة فجذورها هي حب الذات. وكلما أحببتم ذاتكم أكثر كلما أثمر حبّكم ثمارًا للآخرين ودام أكثر فأكثر”. – والتر ريسو

-الحب الحقيقي لا شروط له ولا استثناءات :
من الطبيعي ألا تحبّوا كل شيء في الشريك. ولكن هذه الاختلافات هي التي تصنع جمال الأشياء لأنها تجعل الحب أكثر كمالًا. إذا كنتم تحبون شخصًا لأن شكله يعجبكم أو تحبون صورته المثالية فلن يدوم ذلك الحنان الذي نكنّه له إلى الأبد. لا تنسوا أننا كائنات مملوءة بالنور والظلام على السواء .


الحب ليس حاجة بل خيار :
التبعية والحب أمران مختلفان تمامًا وإذا جمعتوهما بالقوّة سيدمّران بعضهما البعض.ليس من مسؤولية أي أحد في هذه الحياة أن يعوّض النواقص التي تجدونها في أعماقكم.أنتم تختارون أن تحبّوا شخصًا بكل حرية ولا داعي أن تشعروا بالحاجة. مسألة الخيار هذه تضاهي بأهميتها الحب الذي تكنّونه لشريككم لأنكم تبرزون قيمة شخصيته وكل ما يجلبه إليكم من أمور مختلفة.
أحيانًا من الصعب أن تدمجوا بين مسألتين في علاقة واحدة. لذلك يجب أن تعتمدوا على أنفسكم كي لا تقعوا في فخ “الحاجة إلى أحد” من أجل أن تضمدوا جروحكم وتعوّضوا عن نواقصكم.

معيقات الشعور بالحب ؟

   وأهم الأمور التي تقف عائقًا أمام تجربتنا للحب هي مشاعر الألم أو الإحباط والخزي، وهذه المشاعر يمر بها كل البشر ويخشونها، وهي مختلفة تمامًا عن مشاعر الإحساس بالذنب أو تأنيب الضمير، إذ إنها مشاعر سلبية محبطة تجعلنا نشعر بالدونية وعدم الكفاية، وأننا غير جديرين بالحب.

    أما الإحساس بالذنب فهو إدراك واعٍ لوجود خطأ في سلوكياتنا وتصرفاتنا يمكن أن يتُدارَك ويُصحَّح عن طريق المتابعة، لذلك فهو يُعتبر من المشاعر الضرورية التي تسهم في تحسين الذات وتطويرها.

     ولكي نتخلَّص من مشاعر الخزي والألم ونتجنَّب سيطرتها على حياتنا يجب أن نطوِّر وسيلة تجعلنا نتقبَّلها بمرونة عن طريق التوقف لحظة لكي نستوعبها ونعترف بها ونتحدث عنها مع شخص نستطيع التواصل معه على نحو صحيح إذ كلما دفناه في داخلنا زادت سيطرته علينا.

أترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Send this to a friend